〈الإدارة والاستدلال〉 والإدارة هى التغير إلى مضادة الأعمال التى يعملون كما قلنا؛ وعلى طريق الحق وبطريق الضرورة، مثل ما أنه لما جاء إلى أديفوس على أنه يفرح بأديفوس وينقذه من خوف وفزع أمه، فانه أتى بالشعر على ضد ما عمل، وهو أنه غير ما كان يجابه فى محنه من قبل أنه كان مزمعاً أن يموت، فان 〈د〉اناوس لما جاء خلفه ليقتله أما هذا — على ما ذكر فيما كتب به من ذلك — 〈فقد〉 عرض له أن يموت، وأما ذاك فعرض له أنه سلم ونجا. وأما الاستدلال، كما [على ما] يدل وينبئ الاسم نفسه، فهو العبور من لا معرفة إلى معرفة التى هى نحو الأشياء التى تحدد بالفلاح والنجح أو رداءة البخت والعداوة لها. والاستدلال الحسن يكون متى كانت الإدارة دفعة، بمنزلة ما يوجد فى سيرة أوديفس وتدبيره. وقد توجد للاستدلال أصناف أخر، وذلك أنها قد توجد عند غير المتنفسة وإن كان الانسان يعمل 〈أو〉 وإن لم يكن يعمل شيئاً، فانه يعرض له الاستدلال على الحالين. لكن هذه منها خرافة خاصة، وهذه هى خاصة عمل، أعنى ما قيل. ومثل هذا الاستدلال والإدارة إما تكون معه رحمة، وإما خوف، مثل ما أنه وضع أن العمل المديحى هو التشبيه والمحاكاة، وأيضاً الفلاح والنجح [وألا فلاح ونجح] فى 〈هذه〉 تعرضان: 〈و〉من قبل 〈أن〉 الاستدلال لقوم 〈فان منه〉 ما هو استدلال من إنسان ما إلى رفيقه: وهو يكون عندما يعرف ذاك الأمر هو فقط؛ وأما كان يجب أن يكون كلاهما يستدلان ويتعرفان، مثلما استدلت ووقفت المرأة المسماة أفاغانيا على أورسطس من إنفاذ رسالته، أما ذاك فكان يحتاج إلى الاستدلال وتعرف آخر، أعنى فى أمر إفاغانيا. فهاتان اللتان خبرنا بهما هما جزءا الخرافة وحكاية الحديث، أعنى الاستدلال والادارة والجزء 〈الثالث هو〉 انفعال الألم والتأثير. والألم والتأثير هو عمل مفسد أو موجع بمنزلة الذين 〈تصيبهم المصا〉ئب من الصوت والعذاب والشقاء وأشباه هذه. 〈أقسام المأساة بحسب الكمية〉 وأما أجزاء صناعة المديح فينبغى أن يستعمل بعضها فكما يستعمل الأنواع؛ وأما كيف ذلك فقد خبرنا فيما تقدم؛ وأما بحسب الكمية فأى الأشياء تنقسم فنحن مخبرون الآن، وهذه الأجزاء هى: تقدمة الخطب، والمدخل، ومخرج الرقص الذى للصفوف، ولهذا نفسه هو مجاز وعبور، وأيضاً المقام؛ وهذه كلها هى عامية للمديح، فالتى من المسكن وأصناف ومجاز الصفوف. والمدخل أيضاً هو جزء كلى من صناعة المديح، وهو وسط نغمة صوت جميع الصف. والمخرج أيضاً هو جزء كلى من أجزاء صناعة المديح، وهو الذى لا يكون للصف بعده صوت. وأما مجاز الصف فهو المقولة الأولى الذى لجميع الصف. وأما الوقفة فهى الجزء من الصف الذى هو بلا وزن الذى لأنافاسطس وطروخاس؛ وأما القينة فهى الانتحاب العام للصف الذى من المسكن. فأما أجزاء صناعة المديح التى ينبغى أن تستعمل فقد خبرنا بها فيما تقدم؛ وأما التى بحسب المقدار وأنه إلى كم جزء يجب أن ينقسم التلخيص — فهى هذه، وهى التى نظن فى بعضها ظناً، وبعضها التى نحترس بها عند تركيب الخرافات. 〈تصاريف الدهر؛ البطل؛ المأساة المزدوجة الخاتمة〉 فأما من أى موضع يؤخذ عمل صناعة المديح فنحن مخبرون فيما بعد، ونضيف ذلك إلى ما تقدم فقيل. ومن قبل أن تركيب المديح ينبغى أن يكون غير بسيط، بل مزوج، وأن يكون هذا من أ شياء مخوفة محزنة [حرقة مملوءة حزناً]، وأن يكون محاكى لهذه (إذ كان هذا هو خاصة المحاكاة لمثل هذه)، فهو ظاهر أولا أنه ليس يسهل ولا على الرجال الأخيار أن ترى دائماً فى التغير من الفلاح إلى لا فلاح (وذلك أن هذا ليس هو مخوف ولا صعب، لكن لهذه إلى ذيلها) ولا أيضاً أن ترى للتغير من لا فلاح إلى فلاح ونجح (وذلك أن هذه بأجمعها هى غير مديحية: وذلك أن ليس فيها شىء مما يجب: لا التى لمحبة الانسانية ولا التى للحزن، ولا أيضاً هى مخوفة)، ولا أيضاً هى للذين هم أردياء جداً من فلاح إلى لا فلاح أن يسقطوا، وذلك أن التى لمحبة الإنسانية فلها قوام مثل هذا، ولا أيضاً الحزن والخوف أيضاً، 〈وذلك〉 أنه أما ذاك هو إلى من لا يستحق عندما لا يصلح، وأما هذا فالتى من تشبهه آخر: أما هذا إلى من لا يستحق، وأما الخوف فالى من الشبيه. فاذاً ما يعرض ليس هو لا للخوف ولا للحزن، فبقى إذاً المتوسط بين هذين... هو هذا: أعنى الذى لا فرق فيه لا فى الفضيلة والعدل، ولا أيضاً يميل إلى لا فلاح ولا نجح، بسبب الجور والتعب، بل بسبب خطأ ما. وذلك الذين هم فى جلالة عظيمة وفى نجاح وفلاح، بمنزلة أوديفوس وثواسطس، وهؤلاء الذين هم من قبل هذه الأحساب ومشهورين. والخرافة التى تجرى على الأجود فلا تخلو من أن تكون كما قال قوم: بسيطة، وإما مركبة، وإما تغير 〈لا〉 من لا فلاح 〈إلى〉 فلاح، لكن بالعكس، أعنى من الفلاح إلى لا فلاح، لا بسبب التعب، لكن بسبب خطأ وزلل عظيم، أو مثل التى قيلت [أو] للأفاضل خاصة أكثر من الأراذل. والدليل على ذلك ما يكون: وأولاً كانوا يحصون الخرافات الذين يوجدون لكيما يظنوا؛ وأما الآن فقد تركب المديحات قليلا عند البيوت، مثلما كان بسبب ألقامان، وأوديفس، وأورسطس، وما لا غرس، وثواسطس، وطيلافس، وسائر القوم الأخر، كم كان مبلغهم ممن مرت به المصائب ونابته النوائب أن ينفعلوا ويفعلوا أشياء صعبة. وأما المديح الحسن الذى يكون بصناعة هو هذا التركيب. ولذلك قد يخطىء الذين يلزمون أوريفيدس اللوم من قبل أنه جعل مدائحه على هذا الضرب، وذلك أن كثيراً مما يؤول بالأمر إلى لا فلاح ولا نجاح وإلى شقاء البخوت، وذلك كما قلنا. وأعظم الدلائل على ذلك مما هو مستقيم أن هذه الأشياء التى تكون من الجهادات ومن المسكن ترى بهذه الحال، غير أن هؤلاء يصلحون الخطأ، وإن كان أوريفيدس دبر هذه الأشياء تدبيراً حسناً، إلا أنه قد يرى أنه أدخل فى باب المدائح من الشعراء الأخر. وأما القوام الثانى فقد تقول فيها بعض القوم أنها أولى، وهى مضاعفة فى قوامها، بمنزلة التدوير الذى للجوهر، وإذا حصلت على جهة الرواية من التضاد فقد يظن بها أنها للأفاضل جداً والأرذال. فأما الأولى فبسبب ضعف المعروف بثيطرا، وأما الشعراء فعندما يجعلونها للناظرين موضع الدعاء. وليس هذه هى اللذة من صناعة المديح، لكنها أكثر مناسبة لصناعة الهجاء؛ وذلك أن هنالك فالأعداء والمبغضون هم الذين يوجدون فى الخرافة بمنزلة أورسطس وايغيسطس اللذين عندما صارا أصدقاء فى آخر الأمر قد تبديا، ويقال فيهما فى القمسة: أمر الميتة لا واحد من رفيقه وقرينه. 〈الخوف والإشفاق؛ تصادق الشخصيات؛ التزام عمود الشعر〉 فأما كون الذى للخوف والحزن فانما يحصل من البصر، وقد يوجد شىء ما من قوام الأمور ما هو منذ قديم الدهر وهو لشاعر حاذق. وقد ينبغى أن تقوم الخرافة على هذا النحو من غير إبصار حتى يكون السامع للأمور يفزع وينتهى ويناله حزن عندما يسمع خرافة أوريفيدس من النوائب التى ينفعل بها الإنسان، وإن كان ذلك الشاعر إنما أصلح هذا بالبصر، وعلى أنه بلا صناعة وما هو محتاج إلى مادة. ومنهم من يعد بالبصر لا التى هى للخوف، لكن التى هى للتعجب فقط، من حيث لا يشاركون صناعة المديح بشىء من الأشياء، وذلك أنه ليس ينبغى أن يطلب من صناعة المديح كل لذة، لكن التناسب. فأما فى تلك التى يعدها الشاعر بالمحاكاة التى تكون بسبب اللذة من غير حزن وخوف فهو معلوم؛ فاذن هذه الخلة ينبغى أن يفعلها فى الأمر... وهى أن نأخذ أيما هى الأشياء غير الصعبة من النوائب التى تنوب، وأيما هى التى يرى أنها يسيرة. وذلك أنه قد يجب ضرورةً أن تكون مثل هذه الأفعال الإرادية إما للأصدقاء بعضهم إلى بعض، وأما للأعداء، وإما لا لهؤلاء ولا لهؤلاء. فان كان إنما يكون العدو يعادى عدوه، فليس شىء فى هذه الحال مما يخزن، لا عندما يفعل ولا عندما يكون مزمعاً على أن يفعل. غير أن فى التأثير نفسه والألم لا يكون حالهم أيضاً ولا على أن كانت حالهم حال الاختلاف. وأما متى اختار التأثيرات والآلام فى المحبات والمحبين، بمنزلة إما أن يكون أخ يقتل الأخ، أو ابن للأب، أو أم لابنها، أو ابن لأمه، أو كان مزمعاً أن يفعل شيئاً آخر من مثل هذه، فقد يحتاج فى مثل ذلك إلى هذه الخلة، وهو أن تكون الخرافات التى قد أخذت على هذه لا تحل ولا تبطل، وأعنى بذلك مثل أنه ليس لأحد يبطل من أمر المرأة المعروفة بأقلوطيمسطر أنه لم تنلها المنية من أورسسطس، ولا للمعروفة بأريفيلى من ألقيماون، وأما هو فقد يجد[ه] أيضاً الأشياء التى أفيدت أنها قد استعملت على جهة جيدة. ولنخبر معنى قولنا إنا نقول قولاً على جهة الجودة إخباراً أوضح وأشرح. فالفعل الإرادى تكون حاله هذه الحال، كما كانوا القدماء يفعلون ويعلمون المعروفين، كما فعل أوريفيدس عند قتل المرأة المسماة ميديا بنيها. وأما معنى ألا يفعل بالإرادة عندما يعرفون وأن يفعلوا من حيث لا يعرفون، ثم يعرفون المحبة والصادقة خيراً فهو حال رديئة، وهذا كحال سوفقلس وأوديفس. فهذه هى خارجة عن القينة نفسها، وأما ما هو فى المديح فبمنزلة القاماون واسطودامنطس، أو حيث يقول على نحو الضربة لأودوسيس. وأيضاً التى هى ثالثة نحو هذه؛ فهى أمر ذلك الذى كان مزمعاً أن يفعل شيئاً من هذه التى لا برء لها، فانه يدل قبل أن يفعل بسبب فقد الدربة والمعرفة ولأشياء خارجاً عن هذه تجرى على جهة أخرى. وذلك أنه قد يجب ضرورةً إما أن يفعل، وإما ألا يفعل. وإذا فعل فاما أن يفعل وهو عارف، وإما أن يفعل وهو غير عارف، بل مزمع بأن يعرف. وأيضاً أما للذين يعرفون، وأما للذين لا يعرفون. فمن كان من هؤلاء لا يعرف وهو يعى ولا يفعل فهو أرذل، وذلك أن نشيده حينئذ هو بشع كريهً، وليس هو داخلا فى باب المدح، من قبل أنه قد كان اعتبر. ولذلك ليس إنسان أن يفعل على جهة التشابه إلا أقل ذاك، بمنزلة ما «بأنطيغونى» 〈من موقف هايمون بازاء قريون〉. وأما معنى أن يفعل بالارادة فهو الثانى: والخير لمن هو غير عارف بأن يفعل أن يكون إذا فعل أن يتعرف، وذلك أن الكراهة حينئذ والبشاعة لا يدانيانه؛ وأما الاستدلال والتعرف فهو أعجب وأجود. وما 〈هو〉 أصلح وأجود 〈هو〉 ما يروى، أعنى ما كان فى الموضع المسمى «كرسفنطس» من المرأة المسماة ميروفا، فيما كانت مستعدة لقتل أحد بنيها، إلا أنها لم تقتله، لكن تعرفت فى الموضع المعروف «بايفيغانيا» 〈أنها〉 أخت لأخيها؛ وتعرف، فى الموضع المسمى «ايلى»، الابن أمه، وتعرفها عندما كان يريد إنشاداً ورواية. فلهذا السبب عندما تفوهت وتكلم بها، أعنى بالمدائح، منذ قديم الدهر ليست عند أجناس كثيرة ويباحث عنها، لا من الصناعة، لكن من أى حال كانت مما وجدوا وأعدوها بالخرافات، فقد يضطرون أن ينقلوا هذه فى مثل هذه التأثيرات والآلام التى تعرض لها بحسب الخواص. وأما فى قوام الأمور، وكيف ينبغى أن يكون الذين يركبون الخرافات، فقد قيل قولا كافياً. 〈الأخلاق؛ الاحتمال والضرورة؛ «الإله بالآلة»〉 فأما فى العادات فلنتكلم الآن فنقول: إن العادات التى منها نتعرف الحق ونستدل عليه — أربع: الأول منها هو أن تكون العادات جياداً، ويكون كل واحد منها — إن كان قول الأمر الذى هو أعرف قد يؤثر بالفعل الإرادى فى الاعتقاد شيئاً — أن تكون حال كل واحدة من العادات هذه الحال. والخير والجيد إن كان موجوداً فهو موجود خيراً فى كل جنس. وذاك أنه قد توجد مرأة جيدة وفعل جيد. هذا على أنه لعله يكون هذا منهم رذل وهذا مزيف. والثانى ذلك الذى يصلح. وذلك أن العادة التى هى للرجال قد توجد، إلا أنها لا تصلح للمرأة، ولا أيضاً أن ترى فيها ألبتة. والثالثة الشبيه بذلك: أن الذى له هذه العادة غير ذلك الذى له عادة جيدة إن كان قد يصلح أن يفعل أيضاً، كما تقدم فقيل. وأما الرابعة فذاك المتساوى. وذلك أنه إن كان إنسان مما يأتى بالتشبيه والمحاكاة مساوياً، ووضع مثل هذا الخلق كذلك على جهة التساوى، فقد يجب أن يكون غير مساو. وأيضاً أما مثال رذيلة العادة فليس هو ضرورى، وذلك كما كانت الرحمة لأورسطس والحزن عليه. وما كان غير لائق هو أنه لما كان يصلح ويطابق مثل نوح أوديسوس على المعروفة بـ«ـأسقلى» البحرانية، ولا أيضاً النصنصة ونلحبس (!) المعروفة بميلانافى؛ فأما الذى للامتساوى فكحال ايفيغانيا فى دير المعروف [ببنات] بأولى، وذلك أنه ما تشبهت تلك التى كانت تتضرع بتلك الأخيرة. وقد يجب أن يطلب دائماً مجرى التشابه كما نطلب ذلك فى قوام الأمور أيضاً: إما ما هو على الحقيقة، وإما ما هو ضرورى، وإما الشبيه. وعند هذه تكون العادة ضرورية أو شبيهاً. ومن البين أن أواخر الخرافات إما ينبغى أن تعرض لها وتنوبها من العادة نفسها، وليس كالحال فيما كان من الحيلة عند «ميديا» وكما كان إلى «الياذس» من انقلاب المراكب، لا للغرق، لكن إنما ينبغى أن نستعمل نحو خارج القينة، وآخرها الحيلة إما بمقدار ما احتملوا هؤلاء المذكورين، وإما بمبلغ ما لا يمكن الإنسان أن يقف ويعرف أو بمبلغ ما يحتاجون أخيراً فى المقولة أو القول. وذلك أن كل شىء يسلم إلى الآلهة يرى ويبصر؛ فأما ما هو خارج عن النطق فلا ينبغى أن يكون فى الأمور، وإلا كان هذا المعنى خارجاً عن المدائح، بمنزلة ما كان ما أتى به أوديفس من محاكاة سوفقلس حريصاً. والتشبيه والمحاكاة هى مدائح الأشياء التى هى فى غاية الفضيلة، أو كما يجب أن يشبهوا المصورون الحذاق الجياد؛ وذلك أن هؤلاء بأجمعهم عندما يأتون بصورهم وخلقهم من حيث يشبهون يأتون بالرسوم جياداً، كذلك الشاعر أيضاً عندما يشبه الغضابى والكسالى يأتى هذه الأشياء الأخر التى توجد لهم فى عاداتهم، فعلى هذا ينبغى للحذاق أن يأتوا بمثال الصعوبة، بمنزلة ما أبان أوميروس من خبر أخيلوس. وهذه ينبغى أن تحفظ؛ ومع هذه أيضاً الاحساسات التى تلزمهم فى صناعة الشعر من الاضطرار، وذلك أن كثيراً ما قد يكون فى هذه زلل وخطأ. وقد تكلم فيها كلاماً كافياً فى الأقاويل التى أتى بها.