بسم الله الرحمن الرحيم كتاب أرسطوطالس فى الشعراء نقل أبى بشر متى بن يونس القنائى من السريانى إلى العربى قال أرسطوطالس: 〈موضوع صناعة الشعر؛ الشعر والمحاكاة ووسائل المحاكاة〉 إنا متكلمون الآن فى صناعة الشعراء وأنواعها، ومخبرون أى قوة لكل واحد منها، وعلى أى سبيل ينبغى أن تتقوم الأسمار والأشعار، إن كانت الفواسيس مزمعة بأن يجرى أمرها مجرى الجودة؛ وأيضاً من كم جزء هى، وأيما هى أجزاؤها؛ وكذلك نتكلم من أجل كم التى هى موجودة التى هى لها بعينها. و[نتكلم و]نحن متكلمون فى هذا كله من حيث نبتدئ أولا من الأشياء الأوائل. فكل شعر، وكل نشيد شعرى ينحى به: إما مديحاً، وإما هجاء، 〈و〉إما ديثرمبو الشعرى، ونحو أكثر أوليطيقس، وكل ما كان داخلا فى التشبيه ومحاكاة صناعة الملاهى من الزمر والعود وغيره. وأصنافها ثلاثة: وذلك إما أن يكون يشبه بأشياء أخر والحكاية بها، وإما أن تكون على عكس هذا: وهو أن تكون أشياء أخر تشبه وتحاكى، وإما أن تجرى على أحوال مختلفة لا على جهة واحدة بعينها. وكما أن الناس قد يشبهون بألوان وأشكال كثير〈ة〉 أو يحاكون ذلك من حيث أن بعضهم يشبه بالصناعات ويحاكيها، وبعضهم بالعادات، وقوم أخر منهم بالأصوات: كذلك الصناعات التى وضعنا [و]: جميعها تأتى بالتشبيه والحكاية باللحن والقول والنظم، وذلك يكون: إما على الانفراد، وإما على جهة الاختلاط. مثال ذلك: أوليطيقى وصناعة العيدان فانهما يستعملان اللحن و〈الـ〉ـتأليف فقط، وإن كان توجد صناعات أخر هى فى قوتها مثل هاتين: مثال ذلك صناعة الصفر تستعمل اللحن الواحد بعينه من غير تأليف، وصناعة أداة الرقص أيضاً، وذلك أن هاتين باللحون المتشكلة تشبه بالعادات وبالانفعالات أيضاً وبالأعمال أيضاً وتحاكيها. أما بعضها فبالكلام المنثور الساذج أكثر، أو بالأوزان: وتحاكى هى هذه: إما وهى مخلطة، وإما بأن تستعمل جنساً واحداً، وبالأوزان التى هى بلا تسمية 〈إلى الآن〉. وذلك أنه ليس لنا أن نسمى بماذا تشارك حكايات وتشبهات شاعر〈مثل سـ〉ـوفرن وكسانرخس والأقاويل المنسوبة إلى سقراط. ولا أيضاً إن جعل الانسان تشبيهه وحكايته بالأوزان الثلاثية، أو هو هذه التى تقال لها ألغاز، أو شىء من هذه الأخر التى تجعل تشبيهه وحكايته لها على هذا النحو. غير أن الناس عندما يوصلون وزن صناعة الشعر يعملون الأوزان ويسمون بعضها: فن الغايا، وبعضها فن الأفى والتى لها أول وآخر؛ وليس كالتى يعملون الشعر التى هى بالحكاية والتشبيه، لكن التى يلقبونها المشتركة فى أوزانها. وذلك إن عملوا شيئاً من أمور الطب أو أمور الطبيعة بالأوزان فهكذا قد جرت عادتهم بالتلقيب: وذلك أنه لا شىء يشتر كان فيه: أوميروس وأنفادقلس ما خلا الوزن. ولذلك أما ذاك فينبغى أن نلقبه شاعراً، وأما هذا فالمتكلم فى الطبيعيات أكثر من الشاعر. وكذلك إن كان الانسان يعمل الحكاية والتشبيه عندما يخلط جميع الأوزان، كما كان يعمل خاريمن، فانه كان يشبه قانطورس برقص الدستبند من جميع الأوزان: فقد يجب أن نلقبه شاعراً. فمن قبل هذه كان حدد هذا الضرب. وقد يوجد قوم يستعملون جميع التى وصفت: مثال ذلك فى اللحن والصوت الحلو أو الأوزان، كصناعة الشعر الديثوردمبى والتى للناموس، والمديح أيضاً والهجاء. وتختلف بأن بعضها مع الكل معاً، وبعضها بالجزء. فهذه أقول إنها أصناف الصنائع التى بها يعملون الحكاية والتشبيه. 〈اختلاف ضروب الشعر باختلاف موضوعاته〉 ولما كان الذين يحاكون ويشبهون قد يأتون بذلك بأن يعملوا العمل الارادى، فقد يجب ضرورةً أن يكون هؤلاء إما أفاضل، وإما أراذل (وذلك أن العادات والأخلاق مثلا هى تابعة لهذين فقط) وذلك أن عاداتهم وأخلاقهم بأجمعهم إنما الخلاف بينها بالرذيلة والفضيلة ونأتى بالحكاية والتشبيه إما الأفاضل وإ[لا] ما [و] الأر〈ا〉ذل، وإما من كانت 〈له〉 حال فى ذلك 〈كحالنا〉 كما يشبه المصورون فى صنائعهم: أما الأخيار منهم للأخيار، والأشرار، كما 〈أنه〉 أما 〈فولوغنوطس فقد حاكى الأفاضل، وأما〉 [أن] فاوسن 〈فقد〉 حاكى الأشرار وشبه، وأما ديونوسيوس 〈فقد〉 كان يشبه ويحاكى 〈حسب〉 الشبيه. فظاهر بين أن يكون كل تشبيه وحكاية من التى وصفت. وكل واحد واحد من الأفعال الإرادية لها هذه الأصناف والفصول، وأن تكون الواحدة تشبه بالأخرى وتحاكيها بهذا الضرب. وذلك أنه فى الرقص والزمر وصناعة العيدان قد يوجد لهذه أن تكون غير متشابهة، ونحو الكلام والوزن المرسل — مثال ذلك أما أوميروس فالفاضل، وأما قالاوفون فالأشياء الشبيهة، وإما ايجيمن المنسوب إلى ثاسيا، وهو الذى كان أولاً يعمل المديح، ونيقوخارس المنسوب إلى 〈د〉 الادى الذى كان يحاكى الأرذل، وكذلك ونحو هذه الداثورامبوس و〈الـ〉ـنواميس كما يشبه الانسان ويحاكى هكذا لقوقلوفاس طيموثاوس وفيلوكسانس. وبهذا الفصل بعينه الخلاف الذى للمديح عند الهجاء: وهو أنه أما تلك فبالأراذل، وأما هذه فكانت تشبه بالأخيار وإياهم كانت تحاكى. 〈اختلاف ضروب الشعر باختلاف طريقة المحاكاة〉 وأيضاً الثالث لهذه الفصول ومنها هو أن نشبه بكل واحد واحد من هذه. وذلك أن فى هذه أيضاً التشبيهات والحكايات هى هى بأعيانها: أما أحياناً فمن حيث يوعدون التشبيه إما بشىء آخر يكون، كما كان يفعل أوميروس، أو إن كان مثله الذى لا خلاف فيه أيضاً. وجميع الذين يعملون ويفعلون الذين يشبهون ويحاكون يأتون بتشبيههم وحكايتهم كما قلنا منذ الابتداء بهذه الفصول والأصناف الثلاثة، وبهذه فمن الضرورة حتى يكون أما ذاك فهو يشبه ويحاكى واحد بعينه أما بأوميروس سوفقلس: وذلك أن كليهما يشبهان ويحاكيان الأفاضل، وأما هذا فيشبهونه ويحاكونه شيعة أرسطوفانس، من قبل أنهم كأنهم ويعملون ويفعلون كاثنينهما. ومن ها هنا قال قوم إن هذه تلقب أيضاً دراماطا، من قبل أنهم يتشبهون بالذين يعملون. ولذلك صار أهل ادرياس هم متمسكون بالمديح والهجاء. أما الهجاء بحسب ما ظن 〈أهل ميغارا وكذلك〉 فهذه التى ها هنا كما أنه ما كان قبلهم ولاية الجماعة والتدبير، والتى كان الذين من سيقلييا يقولون إنها موجود〈ة〉، كما كان يفعل افيخارموس الشاعر وهو الذى كان أقدم كثيراً من كيونيدس وماغنس، من حيث كانا أعطيا الرسوم عندما كانا يستعملان الاقرار من أسماء المديح التى فى فالوفونيسوس وذلك أنه أما ذانك 〈فقد〉 لقبا القرى 〈بلقب〉 قوماس، وأما ديموسوس فلقب أهل أثينية المهجوين من قبل أنهم كانوا ممتهنين مستخفـ〈ـاً〉 بهم من أهل القرى. أما أصناف التشبيه والحكاية وفصولها وكميتها وأيما هى، فهى هذه التى قيلت. 〈نشأة الشعر وأجناسه〉 ويشبه أن تكون العلل المولدة لصناعة الشعر التى هى بالطبع: علتان. والتشبيه والمحاكاة مما ينشأ مع الناس منذ أول الأمر وهم أطفال. وهذا مما يخالف به الناس الحيوانات الأخر، من قبل أن الانسان يشبه ويستعمل المحاكاة أكثر ويتتلمذ ويجعل التلمذات بالتشبيه والمحاكاة للأشياء المتقدمة والأوائل، وذلك أن جميعهم يسر ويفرح بالتشبيه والمحاكاة. والدليل على ذلك هذا، وهو الذى يعرض فى الأفعال أيضاً، وذلك أن التى نراها وتكون رؤياها على جهة الاغتمام فإنا نسر بصورتها وتماثيلها؛ أما إذا نحن رأيناها كالتى هى أشد استقصاءاً — مثال ذلك صور وخلق الحيوانات المهينة المائتة. والعلة فى ذلك هى هذه: وهى أن إرباب التعليم ليس إنما هو لذيذاً لفيلسوف فقط، لكن لهؤلاء الأخر على مثال واحد، إلا أنه من أنهم يشاركنه مشاركة يسيرة. فلهذا السبب يسرون إذا ما هم رأوا الصور والتماثيل، من قبل أنه يعرض أنهم يرون فيتعلمون؛ وهو قياس ما لكل إنسان إنسان، مثال ذلك أن هذا ذاك من قبل أنه إن لم يتقدم فيرى ليس يعمل للذى شبه، لكن من أجل الفعل والتفعل، أو للمواضع أو من أجل علة ما مثل هذه. وأما بالطبع فلنا أن نتشبه بالتأليف واللحون (وذلك أنه أما أن الأوزان مشابهات الألحان، فهو بين) للذين هم مفطورون على ذلك منذ الابتداء، وخاصة أنهم ولدوا صناعة الشعر من حيث يأتون بذلك ويمنعون قليلا قليلاً، وولدوها من الذين ألفوها دفعةً ومن ساعته. وانجزأت بحسب عادتها الخاصية، أعنى صناعة الشعر. وذلك أن بعض الشعراء ومن كان منهم أكثر عفافاً يتشبهون بالأعمال الحسنة الجميلة وفيما أشبه ذلك، وبعضهم ممن قد كان منهم أرذل عندما كانوا يهجون أولاً الأشرار كانوا يعملون بعد ذلك المديح والثناء لقوم آخرين أشرار. غير أنه ليس لنا أن نقول فى إنسان قبل أوميروس إنه عمل مثل هذه الصناعة من صناعة الشعراء؛ وإلا قد كان شعراء أخر كثيرون غير أن [من] أوميروس هو المبدأ، مثال ذلك مارغاتس والنسق والجارية ما من هذه التى هى هكذا التى أتى بها الوزن، كما أتى بيامبو، ولذلك ما لقب مثل هذا الوزن إيامبوس، وبهذا الوزن كانوا يتهاونون بعضهم ببعض [وصارالقدماء] وصار من القدماء بعضهم شعراء فى الفن إيامبو والفن المسمى بأوريقا. كما أن الشاعر فى الأشياء الفاضلة المجتهدة خاصة إنما كان أوميروس وحده فقط (وذلك أنه هو وحده فقط إنما عمل أشياء أحسن فيها، لكن قد عمل التشبيهات والحكايات المعروفة بد〈را〉ماطيقيا) وهكذا هو أول [يا] من أظهر شكل صناعة هجاء ليس فيه الهجاء فقط، لكن فى باب الاستهزاء والمطانزة، فانه عمل فيها النشيد المسمى باليونانية دراماطا، ذلك أن 〈مارغيطا〉 حالها حال يجرى مجرى التسقيم: فكما أن «ايليادا» غير التبكيت والمسماة «أودوسيا» غير المديحات، كذلك هذا غير أبواب الهجاء. ولما ظهر أمر مذهب الهجاء والمديح، ومذهب الهجاء والذين نحوا وقصدوا به بصناعة الشعر كلتا هاتين بحسب خصوصية الطبع بعضهم كانوا يعملون مكان المذهب من الشعر المسمى ايامبو أبواب الهجاء، وبعضهم كانوا يعملون مكان هذه التى للمسماة أفى أبواب المديح، وصاروا معلمين لذلك من قبل أنه قد كانت هذه أعظم كثيراً وأشرف فى شكل هذه. فانه أن يعمل هو هو مبدأ الصناعة المديح وبالأنواع على الكفاية. وذلك أنه إما أن يكون بأنك تجين بهذه، أو يكون عند كلتيهما بنسبة أخرى. فلما حدثت منذ الابتداء ونشأت دفعةً (هى وصناعة الهجاء أيضاً: أما تلك فعندما كانت تبتدئ من العلل الأول التى للمذهب المسمى الديثورمبو وأما هذه المزبورة، وهذه [هى] الثانية فى كثير من المدائن إلى الآن) أحدث النمو والتربية قليلا قليلا من حيث قد كانت قديمة، كما أنه ظهرت أيضاً هذه التى هى الآن وعندما غيرت من تغايير كثيرة وتناهبت عند ذلك صناعة المديح من قبل أنه قد كانت الطبيعة التى تخصها. وأما تلك فلأكثر المنافقين والمرائين فمن واحد للاثنين. و〈إسخيلوس كان〉 أول من أدخل هذه المذاهب التى للصفوف وللدستبند. وهو أيضاً أول من أعد مذاهب الجهادات. وأيضاً أول من أظهر هذه الأصناف من اللهو واللعب كان سوفوقلس. وأيضاً هو أول من أظهر من النشائد الصغار عظم الكلام الضجيج والرهج فى الكلام والمقولات الداخلة فى باب الاستهزاء والهزل. وعمل ذلك بأن غير شىء من شكل الفن المسمى سطاورقو، وإما بالأخرة وبالابطاء فاستعملوا العفة. وهذا الوزن من الرباعية التى ليامبو. وأما منذ أول العمل فكانوا يستعملون رباعية الوزن بسبب الرقص المعروف بساطوراى، لكيما يتشبه به الشعر أكثر و[ما] عندما كانت تنشأ مقولة وكلام فالطبيعة كانت تجد وزنها، ولا سيما من قبل أن الوزن يعمل الأجزاء أنفسها وقد يجارى بعضنا بعضاً بالمخاطبة والمكايلة، دليل هذه السبيل المسماة ايامبو منذ قط، وأما الوزن فأقل ذاك وعندما ينحرف عن التأليف الجدلى؛ وأيضاً أكثر الكلام والمخاطبة الرافع. وهذه الوحيدات الأخر إنما تقال نحو التخييل والحسن فى الاقتصاص لكل واحدة واحدة. 〈الكوميديا والهزلى ومراحل الكوميديا الأولى؛ المقارنة بين المأساة والملحمة〉 ومذهب الهجاء هو كما قلنا: [هى] تشبيه ومحاكاة الذين دنوا وتزيفوا وليس فى كل شر ورذيلة، لكن إنما هى شىء مستهزأ فى باب ما هو قبيح، وهى جزء مستهزئة. وذلك أن الاستهزاء هو زلل ما وبشاعة غير ذات صعوبة ولا فاسدة، مثال ذلك وجه المستهزئ هو من ساعته بشع قبيح، وهو منكر بلا ضغينة. فأما العاملون لصناعة المديح، ومن أين نشأوا وحدثوا، فلست أظن أنه يغبا أمرهم فى ذلك ولا يهمل وينسى. فأما صناعة الهجاء فانه لما كانت غير معتنى بها، فانها أنسيت وغبا أمرها منذ الابتداء. وذلك أن صفوف الرقاصين والدستبند من أهل الهجاء من حيث إنما أطلق ذلك [أو] الوالى على أثينية بالأخرة، غير أن العمل بذلك إنما كان مردوداً إلى اختيارهم وإرادتهم من حيث كان لهم من جهة شكل ما أن يعدوا ممن كان من شعرائها وكانوا يذكرون. وبعض الوجوه الذين أعطوا إما بسبب تقدمة الكلام أو من كثرة المرائين والمنافقين، فان جميع من كان مثل هؤلاء لم يعرفوا. والعمل للقصص والخرافات هو أن ننزل جميع الكلام الذى يكون بالاختصار. ومنذ قديم الدهر أيضاً عندما أتى بها من سيقليا. وكان أول من أنشأها وأحدثها بأثينية قراطس فان هذا ترك النوع المعروف بالامباقيا، وبدأ أن يعمل الكلام والقصص. والتشبيه والمحاكاة للأفاضل صارت لازمة لصناعة الشعر المسماة أفى فى صناعة المديح إلى معدن ما من الوزن مزمع القول وكون الوزن بسيطاً وأن يكون عهود — فان هذه مختلفة؛ وأيضاً فى الطول: أما تلك فهى تزيد خاصة أن تكون تحت دائرة واحدة شمسية، أو أن تتغير قط قليلا؛ وأما عمل الأفى فهو غير محدود فى الزمان؛ وهذا هو مخالف، على أنهم كانوا أولاً يفعلون هذا فى المديحات على مثال واحد وفى جميع الأفى. وأما الأجزاء: أما بعضها فهذه، ومنها هى خاصة بالمديحات. ولذلك كل من كان عارفاً من صناعة المديح تلك التى هى حريصة، وتلك التى هى مزيفة، فانه يكون عارفاً بجميع هذه الصغار: أيما منها يصلح لعمل الأفى فى صناعة المديح، وأما التى تصلح لهذه فليس جميعها يصلح لعمل الأفى.